جميل عمارنه
عدد المساهمات : 2 نقاط : 6 الشكــر : 0 تاريخ التسجيل : 18/07/2012
| موضوع: وصية أم فلسطينية ...... 2012-08-28, 10:01 pm | |
|
وصية أم فلسطينية ...... تعالي يا ابنتي أريد أن أحاكيكي سأخبرك عن قصة سجينها يناديكي , سجانها أراد عن هذه الدنيا أن يمحيكي ... يا ابنتي هناك خلف التلال البعيدة ... بالقرب من شجرة الزيتون المعمرة الصابرة الشديدة ... تحت أساسات المستوطنات الجديدة ... عشنا أيامنا وذكريات ماضينا ... والابتسامات من حولنا تغطينا ... نقطف الزيتون , والقمح بلونه الذهبي يدفينا ... تحت سقف بيتنا الطيني يؤوينا ... ندور ونلعب والأمان يتخلل ليالينا ...
لكن يوماً أتى ليقضي على ما تبقى من أمانينا ... في ليلة ٍ خلت من ضوء القمر ,في حلكة المساء ... نيران من طائرة تساقطت علينا من السماء ... شاهدنا الزيتون والقمح يختفي والأرض أصبحت جرداء... الأبواب قد كسرت وصوت الرصاص يملؤ الأرجاء ... بكاء الأطفال كان في كل الأنحاء... كنت يا ابنتي طفلة آنذاك فشرعت بالبكاء ... نراقب المنازل كيف تهدمت وكيف تمزقت أجساد سكان قريتنا إلى أشلاء... مذ ذاك اليوم ونحن نمر على أرضنا بخزي ٍ وكأننا غرباء ... نتأمل كيف انقلبت الدنيا رأساً على عقبٍ بما فيها من الأشياء... زهور النرجس البرية نبتت مكانها أشواك قاسية كما لو أنها في الصحراء ... في يومٍ من الأيام زرت بيتنا فوجدته حجارةً سوداء... مسحت بيداي على الأرض ,جلست وكنت للحظة ٍ أريد البقاء ... هناك وتحت زهرة أقحوان غريب أنها نبتت رغم كل هذا البلاء ... بريق شيءٍ لامع نصفه ظاهرِ ,والآخر تحت تربة ٍ دفنت في قلبها كثيرا من الأعزاء... عرفته ولكني لم اعبث به فقد أصبح في أرض ملكها من هم بالنسبة لنا أعداء... سرت عائدةُ إلى الخيمة الباردة أكابد في قلبي حزناُ راودني للبكاء.. ذرفت دمعاً لم يزدني إلا قهراً وإعياء... ذرفت دمعاً رويت به التربة الصخرية خير رواء... اعتراني اليأس واستسلمت لمرضي فأنا أعرف أنه ليس له من شفاء .. . ياابنتي أريد منكي أن تكملي رحلتي ورحلة أجدادك الذين أصبحوا شهداء... زهر الأقحوان ما زالت والشيء اللامع ملك لنا هو مفتاح بيتنا , ابحثي عنه فهو رمز البقاء ... يا ابنتي هناك وخلف التلال البعيدة ... تحت أشعة الشمس وضياء القمر والليالي السعيدة ... عودي فهو موطنكِ ... وليست هذه الخيمة التي كان من العار أن نبقى فيها ... يا ابنتي شجرة الزيتون هذه معك خذيها ... اقتلعي الأشواك وبدلاُ منها اغرسيها ... تلك الأنقاض عودي فابنيها... قصتنا للأجيال القادمة ارويها ... عاهديني بأنكِ كلماتي هذه لن تنسيها ... وأنك وأبناء هذه الأرض الطاهرة ستنفذيها ... يا ابنتي سأموت وادفن لضعفي هنا .
.. لكني أوصيكي بأن ترحلي ترحلي إلى هناك ... عديني ... عديني بأنكِ ستناضلين من أجل الحرية ... بأنك ستخفين آثار الصهاينة وتميتيهم الميتة الأبدية... بأنك ستقطفين الزيتون وتحصدين القمح فوق ردم البيوت القديمة وبين نسمات هواء البرية ... عديني بأنك ستبحثين مرةً أخرى عن المفتاح ما دمت حية ... عديني بأنك ستبقينَ ابنةً لهذه الأرض العزيزة الأبية...
أماه إني أعدك فانا ما زلت وسأبقى بكل المعاني فلسطـــــــــــينية ....
| |
|